Friday 25 October 2013

الآراميون



عاش الاراميون في الشرق القديم مع جيرانهم من الآشوريين والبابليين والكنعانيين والحيثيين ,وبحسب رواية دينية فأن شعوب الارامية تنتسب إلى آرام بن سام.


"ان الآراميين هم من بني سام. استوطنوا الأنحاء الشرقية من سورية من عهد قديم: وكانت عاصمتهم دمشق". الا ان تاريخهم القديم لم يظهر الا في نهاية الالف الثاني قبل الميلاد، أي بعد السومريين والاكديين بزمان طويل . دخل الآراميون سورية في أواسط الألف الثانية قبل المسيح، وأسسوا ملكاً ضخماً بزعامة دمشق وحماة، ومن أشهر ملوكهم (حزائيل) وابنه (بنهدد)، وأصبحت الآرامية لغة البلاد من ذلك الوقت إلى ما بعد الفتح العربي الإسلامي في القرن السابع بعد الميلاد.


الآراميون اسم عام يطلق على مجموعات كبيرة من القبائل الرحل القديمة كانت تقطن في شمالي بلاد العرب، وتتكلم اللغة الآرامية بلهجات متعددة. وقد استطاعت هذه القبائل ما بين القرنين الثاني عشر والثامن قبل الميلاد أن تسيطر على بلاد واسعة في جزيرة الرافدين بين دجلة والفرات وفي سورية، وأن تؤسس مجموعات زراعية مستقرة ودولاً وممالك وأسر حاكمة. وقد أُطلق اسم الآراميين على البلاد التي سكنوها فدُعيت باسم «بلاد آرام» قروناً عدة قبل أن تعرف منذ العصر الهلنستي السلوقي باسم سورية (القرن الرابع قبل الميلاد).


وقد بدأوا يؤسسون مئات الدول والممالك والإمارات في كل أنحاء منطقة الهلال الخصيب، أي آراميا، فوحّدوا هذة المنطقة بعنصرهم الآرامي، و لغتهم الآرامية السهلة، وبحضارتهم وثقافتهم
ومن هذه الدول: آرام صوبا (عنجرحالياً) الواقعة في سهل البقاع في لبنان، وكانت تشمل الأراضي الممتدة إلى الشمال الغربي من دمشق من البقاع غرباً وحتى البادية شرقاً. آرام بيث رحوب، آرام طوب، وهي قرية الطيبة الحالية الواقعة إلى الغرب من مدينة بصرى، آرام جشور، آرام معكة شمال "جشور" على سفوح جبل الشيخ الغربية. وفي البقاع الجنوبي آرام دمشق، حماة، و يادي وعاصمتها شمأل (شمال سوريا)، وفدان آرام، و آرام نهرين (في الجزيرة السورية الحالية)، وبيث زماني وعاصماتها أميدي (ديار بكر في تركيا الحالية)، وخوريزانا، وغيدارا في جبال طور عابدين، وماردين، و بيث آغوشي (شمال حلب)، بيث بخياني وعاصمتها غوزانا على الخابورالاعلى، وبيث حالوفي وعاصمتها سوري على الخابور الاسفل. أما جنوب الرافدين فكان فيه عشرت الدول والمدن والقبائل الآرامية وأهمها كلدة، بيث ياكين، فوقودو، بيث اموكاني الخ. إلا أن أهم مركز للآراميين هناك كان مدينة بابل. وكانت هذه الدول الآرامية مختلفة عن بعضها البعض في حجمهاوقوتهاوسلطتهاونفوذها.


إن ضعف الارميين يكمن في أنهم لم يؤسسوا دولة موحدة كبيرة تحت قيادة ملك أوحاكم واحد قوي. لذلك كانت هذة الدول سهلة السقوط بيد الغزاة والطامعين، إذ سقطت معظم ممالكهم في السنة السابعة قبل الميلاد. و مع ذلك بقيت بعض الممالك حية بيد الآراميين حتى القرن الثالث بعد الميلاد مثل ممالك الرها (في تركيا الحالية) وتدمر(في سوريا) والحضر في العراق)


وان كان نفوذ الاراميين السياسي قد تلاشى وزال الا ان ماتركوه للاجيال اللاحقة يعد عظيماً وزاخراً بالمنجزات، ولعل اشهر ما ابدعوه تلك الحضارة الراقية واللغة الارامية التي كتبت بها اروع النصوص الارامية حتى اصبحت اللغة الرسمية في الامبراطورية الفارسية وطغت على العبرية في فلسطين وكتب بها اليهود التلموذ والتراجم، وبالارامية تكلم المسيح وكتب بها انجيل متى
. كما نجد الالهة الارامية القديمة في سوريا لا سيما (عتار كاتيس) قد عبدت لفترة طويلة. وهكذا ترك الاراميون آثاراً جليلة في تاريخ الحضارات البشرية الكبرى بلغتهم وطقوسهم اكثر مما خلفوه في تاريخهم السياسي






ذكر الآراميون لأول مرة في وثائق الملك الآشوري تكلات بلاصّر الأول (1116-1076ق.م) للدلالة على قوم من البدو الأعراب وعلى منازلهم من دون أن يقرن اسمهم بالأخلامو
ويصعب على الباحث ان يحدد تاريخ قدوم الاراميين الى الهلال الخصيب، الا ان اغلب المؤرخين يتفقون على انهم استطاعوا غزو الاراضي السورية وبلاد مابين النهرين، ويعطينا الكتاب المقدس (العهد القديم معلومات مفيدة حول سكن الاراميين في منتصف الالف الثاني (ق.م) القسم الاعلى من بلاد الرافدين، وهناك صلة قرابة يبنهم وبين العبرانيين وقد ذكر في الكتاب المقدس اسم يعقوب الارامي الذي سماه (اسرائيل) او الارامي التائه


اللغة الآرامية لغة سامية كالعربية، انتشرت في عهد البابليين والفرس، وظلت من قبل الميلاد بستة قرون إلى ما بعده بسبعة قرون لغة الساميين في الشرق الأوسط باستثناء اللغة العربية. ورغم أن اللغة اللاتينية قد انتشرت في سورية في العهد الروماني، ومن قبلها اللغة اليونانية –فكانتا اللغتين الرسميتين في البلاد- الا أن اللغة الآرامية قد ظلت لغة العامة إلى ما بعد الفتح العربي حين تقلصت وحلت محلها اللغة العربية. وتفرعت من اللغة الآرامية عدة لهجات، منها "السريانية الطقسية" التي لا تزال آثارها باقية عند الموارنة والسريان والكلدان، ومنها لهجة بعض القرى السورية (معلولا، بخعة، جبعدين)، ومنها لهجة الآشوريين والكلدانيين في شمال العراق والجزيرة. وقد كانت الآرامية لغة السيد المسيح.


ومن الصعب أن يتفق الباحثون على تصنيف لفروع الآرامية وعلى الأسماء التي تطلق على هذه الفروع ولهجاتها لتعددها وتداخلها. ومن أهم اللهجات الآرامية تلك التي تكونت في فلسطين، فقد انتشرت الآرامية على نطاق واسع في مناطق الجليل وشمالي فلسطين منذ أواخر القرن الثامن ق.م عندما نقل الملوك الآشوريون سكاناً آراميين إِلى المدن الفلسطينية الشمالية، وتقدمت الآرامية على حساب اللغتين الكنعانية والعبرية لتصبح لغة دارجة في منطقة بيت المقدس، واقتصر استخدام العبرية على أحبار اليهود. ويشتمل العهد القديم على أجزاء كتبت بالآرامية في تلك المرحلة، منها: سفر إِريما، الإِصحاح 110 وسفر التكوين (الإِصحاح 47:31) وسفر عزرا، (الإِصحاحات 8:4 و6: 18و12:7و 26) وتتضمن الأجزاء التي كتبت بالآرامية من سفر عزرا وثائق مهمة عن وضع الطائفة اليهودية في العصر الفارسي الأخميني.












الدين




يضم مجمع الأرباب عند الآراميين آلهة من كنعان وبابل وآشور, إِضافة إِلى آلهتهم الخاصة بهم. وللإِله عند الآراميين اسم عام هو بعل بمعنى سيّد, ويدعونه أحياناً بعل شميين (رب السموات) كما في نص زكر ملك حماة ولعش . وعبدت إِلى جانب بعل الربة الأنثى بعلت التي كانت تدعى ملكة شميين (ملكة السموات) ولبعض المناطق والمدن بعلها الخاص بها كبعل حمون وبل تدمر(بعل الأمانوس) وبعل البقاع (بعلبك). واتخذ الآراميون هدد إِلهاً للطقس كما في دمشق يرسل الأمطار فيخصب الأرض وينبت الزرع ويسبب الكوارث عندما تنحدر السيول من الجبال إِلى الوديان. وكان مقر بعل حمون في الجبل الأقرع (كاسيوس) في اللاذقية الذي كان له في حضارة سورية القديمة ما لجبل الأولمب عند اليونان في تاريخهم القديم. وكانوا يعتقدون أن الزوابع والرعود والبرق من الظواهر التي تدل على هدد الذي كان يطلق عليه في بعض اللهجات اسم أدد أو أدّو ويدعى أيضاً رمّون/ وبتأثير الحوريين أدمج هدد برب العاصفة عند الحوريين تيشوب ورشف عند الحيثيين. وكما تدل الشواهد الفنية يبدو هدد في نحت بارز من سمأل الواقعة في أعالي الأمانوس, في صورة رجل محارب حاملاً الشوكة الثلاثية والمطرقة رمز البرق والرعد. وفي ملاطية يبدو واقفاً على ظهر ثور. ثم اعتنق الآراميين الديانة المسيحية إلى أن جاءت الغزوات الاسلامية فارضةً عليهم الدين الجديد وما زال بعض سكان سورية الحالية يتكلمون اللغة الآرامية ويعتنقون الدين المسيحي مثل صيدنايا و معلولا قرب العاصمة دمشق




الآلهة السورية القديمة


وأهم معابد هدد في دمشق و حلب ومنبج (هيرابوليس) وبعلبك (هليوبوليس). وفي العصر الروماني عبد هدد في بعض المعابد بتأثير الثقافة الكلاسيكية اليونانية ـ الرومانية باسم جوبيتر, وعرف في دمشق باسم جوبيتير الدمشقي. وفي منبج عبدت الربة السورية أثارغاتيس إِلى جانب هدد, وكانت هذه الربة صورة مطبوعة بالهلينية لعشتارت وعنات, وكانت تدعى أيضاً «بنيت» أي ربة الذرية والنبوة وقد حمل الآراميون عبادتها من جبل سمعان وجبل بركات في سوريا إِلى وادي النيل ، ووصف الكاتب السوري لوقيان السميساطي (125-192م), الذي كتب باليونانية, معبدها في منبج في كتابه عن الآلهة السورية .


واختلطت عبادات الآراميين بعبادة آلهة أخرى عند جيرانهم, مثل إِل الكنعاني الذي كان يعد أباً لكل الآلهة, وأقاموا لهم بيوت العبادة حيثما حلوا, و سن إِله القمر عند الرافديين ويدعى بالآرامية شهر، ونابو رب الحكمة في بابل الذي حملوا عبادته حتى أسوان, وشمش إِله الحق والعدل في آشور وبابل.










الدويلات الآرامية
لقد سبق العموريون الآراميين في السكن على ضفاف نهر الفرات الأوسط، فاتجه الآراميون نحو الغرب ثم دفعت الإمبراطورية الآشورية في زمان قوتها (1326-1076ق.م) بالقبائل الآرامية نحو الشمال الغربي حيث استقرت في الأماكن الخالية من الجيوش. وهكذا نشأت دويلة "ياحان" الآرامية عند الحدود الغربية لبيث ادينّي وكانت عاصمتها ارباد التي كان يحكمها الأمير "متي أيلو" وقد حُفظ نصُّ المعاهدة التي عقدها مع آشور نيراري الخامس(755-745 ق.م) بالصيغتين الأكدية والآرامية. ثم ثار هذا الأمير على تغلاتفلاصر الرابع (745-728 ق.م) وكانت نتائج تلك الثورة وخيمة على دويلته وازدهرت دويلة "حطينا" في السهول الواقعة بالقرب من بحيرة انطاكيا. أما في الشمال الغربي من سفوح جبال الأمانوس فنشأت دويلة "يعدي" أو "سمال" الآرامية التي منها وردتنا أقدم النصوص الآرامية وكانت عاصمتها "زنجزلي" المشرفة على المضايق المؤدية إلى قيليقية. وقد استولت هذه الدويلة على الطريق الرئيسية التي تصل ما بين النهرين بقيليقية. أخيراً توصل الآراميون إلى التغلغل في سهول قيليقية وكوّنوا منها امتداداً لسوريا. وفي جنوبي "حطينا" بين حلمان (حلب) ودمشق نشأت مملكة حماة التي ضّمت 19 مقاطعة وشكلت الحدود بين فلسطين وسوريا وقد ملكها "توعي" الجزية للملك داود ثم سمي "زكيز" ملك حماة قسماً من هذه المملكة باسم "لعش" وهي واقعة بين حلب وحماة، ومن أهم مدنها الحصينة: "حزرك" وفي شمالي دمشق تكونت مملكة "صوبة " التي كانت حدودها الشرقية تمتد إلى الفرات حيث اقتطعت من الملك الآشوري آشور رابي الثاني (1012-972ق.م) مدينتي "فيترو" و"موتكينو" وقد وردت إشارات كبيرة إلى "صوبة" في الكتاب المقدس. وكانت دمشق الواحة الخضراء مدة طويلة "رأس آرام" (شام) ومحطة القوافل المتوجهة إلى البلاد العربية وإلى مصر عبر مقاطعة الجليل وساحلي البحر المتوسط فأصبحت من ثم مركزاً اقتصادياً وثقافياً وسياسياً خطيراً ولعبت الشام الآرامية دوراً هاماً في توازن القوى بين الدويلات المجاورة وساهمت في إنهاك قوى الإمبراطورية الآشورية. وظهرت دولتان آراميتان شرقي بحر الجليل وهما "جشور" و"معكة" اللتان دوّختا الملك داود وساندتهما في ذلك دويلة "طوب" الأميّة الواقعة بالقرب من "الطيبة" على الطريق المؤدي من البصرى إلى درعا. وقد تحالف مع "صوبة" و"معكة" ضد داود الملك آراميّو "بيث رحوب" الواقعة بالقرب من حدود حماة وكانت "لايش" كبرى مدنها تقع في أحد الأودية بالقرب من نهر الأردن. ويُقال إن العمونيّين أنفسهم كانوا آراميين يمتّون بصلة إلى إبراهيم وإلى آراميّي ناحور في حران بواسطة لوط . نرى من كل ذلك أن الدويلات الآرامية العديدة كانت ضعيفة بذاتها.


وتظهر لنا كتابة زكير ملك حماة كما وردت في صموئيل (10:8) إن هذه الدويلات كانت تحارب بعضها بعضاً وتعير خدماتها لجيرانها متى اقتضت مصلحتها (2أخبار 1:16-4) وكانت قوتها تكمن في سهولة دخولها في أحلاف مؤقتة لمجابهة عدو مشترك. ففي "قرقر" مثلاً قام تحالف ضم 11 دويلة بزعامة دمشق الشام وحاولوا سنة 853 ق.م صدّ الملك الآشوري شلمناصر الثالث وإخفاق خططه الرامية إلى إخضاع سورية كلها وفلسطين.


إنقراض الدويلات الآرامية
لم يجد الآراميون في أحلافهم نفعاً أمام القوة الهائلة التي امتازت بها الإمبراطورية الآشورية في يقظتها فقد قام فيها ملوك أشداء قضوا على المقاومة الآرامية بهجماتهم المتكررة والمتلاحقة وحوّلوا دويلاتهم إلى مقاطعات تدور في فلك آشور فسقطت "بيث اديني" في قبضة شلمناصر الثالث سنة 856ق.م وأصبحت جزءأً من الولاية الآشورية المدعوة "قار _ شلمان اشاريدو" واستسلمت أرباد لتغلاتفلاصر الثالث سنة 740 ق.م وحذت حذوها "صوبة" ودمشق سنة 733 ق.م، واستولى سرجون الثاني على حماة سنة 270ق.م بعد أن غزا إسرائيل سنة 721ق.م وسبى عدداً كبيراً من سكانها وأخذهم إلى الأراضي الآرامية الواقعة بالقرب من الخابور وإلى منطقتي غورازانا وحماة وأجلى جماعات آرامية من حماة وأسكنها في السامرة ويفتخر تغلاتفلاصر الثالث (745-727 ق.م) أنه نفى أكثر من 40 الفاً من سكان سوريا الشمالية إلى المناطق النائية من الإمبراطورية، وإنه أرسل 12 الف آرامي _ أخلامي من منطقة الزاب شرقي دجلة إلى سوريا وأجلى غيرهم من المراكز الآرامية الهامة. وقد ذكر القائد الآشوري عندما حاصر أورشليم سنة 701ق.م أنه قضى على حماة وأرباد بجيوشه الجرارة. وهكذا فقد قُضى على نفوذ الآراميين السياسي في المنطقة الغربية وظلت منهم بقية نشطة منتشرة في المنطقة الواقعة جنوبي بابل وقد ازدادوا قوة بما وافاهم من الآراميين الهاربين من الشمال واستقروا خصوصاً في الواحات الواقعة شرقي دجلة في حدود بابل وعيلام وأصبحوا حلفاء بابل يسببون متاعب كبيرة للإمبراطورية الآشورية حتى أفلحوا في القضاء عليها وتدمير عاصمتها سنة 612 ق.م (أو سنة 609 ق.م) ولما تشكلت المملكة الكلدانية (البابلية الحديثة) امتزج بها آراميو بابل وذابوا فيها.

No comments:

Post a Comment