Saturday 23 November 2013

المادية الجدلية



 المادية الجدلية


المادية تقول بأن العالم يوجد موضوعيا مستقلا عن الانسان ووعيه، واحساساته ورغباته. فالارض ظهرت لأمد طويل قبل ظهور الانسان، والكائنات الحية على العموم
. والمعطيات العلمية تؤكد بأن الأرض موجودة منذ خمسة مليارات سنة، أما الانسان فلم يظهر عليها إلا منذ حوالي مليون سنة. موضوعية العالم، أي وجوده خارج وعينا ومستقلا عنه، تعني أنه مادي. تحيط بنا كمية لا نهاية لها من الأشياء والظاهرات. الحجارة والأشجار والرمال والشمس والحيوانات والبحار والصحارى والنجوم والكواكب وكثير كثير غيرها. وهذا كله نسميه بكلمة واحدة "المادة".



يقول ستالين :
المادية الديالكتيكية هي النظرة العالمية للحزب الماركسي اللينيني. وهي تدعى مادية ديالكتيكية لان نهجها للظواهر الطبيعية، اسلوبها في دراسة هذه الظواهر وتفهمها ديالكتيكي بينما تفسيرها للظواهر الطبيعية، فكرتها عن هذه الظواهر، نظريتها مادية.

المادية التاريخية هي امتداد مبادئ المادية الديالكتيكية على دراسة الحياة الاجتماعية، تطبيق مبادئ المادية الديالكتيكية على ظواهر الحياة الاجتماعية وعلى دراسة المجتمع وتاريخه.

يمكن تعريف المادية الجدلية بأنها فلسفة تتضمن " قوانين تطور كل الأشياء المادية الطبيعية والروحية، أي قوانين تطور كل المحتوى الملموس للعالم وللمعرفة المرتبطة بهذا العالم" كما قال لينين.
 كل قانون هو" قانون تطور مرتبط بالطبيعة وبالتاريخ والفكر بصفة عامة " انجلز " ضد دوهرينغ 



مصطلح الجدل  يعني في الاساس فن النقاش والتجادل أي  فن الجدل بطريقة الأسئلة والأجوبة  فن تصنيف  المفاهيم وتقسيم الأشياء إلى أجناس وأنواع. وقد ظن أرسطو، الذي لم يفهم علم الجدل عند هيرقليطس، أن الجدل من اختراع زينون الأيلي الذي حلل الجوانب المتصارعة في مفهومي الحركة والتعدد. وقد فرّق أرسطو بين الجدل، أي علم الآراء والاحتمالية، وعلم التحليلات أي علم البراهين.  ومع هذا أشاد افلاطون في محاورته "السوفسطائي" و"بارمنيدس" بالمحطة الجدلية القائلة بأن الأجناس العليا للوجود يمكن عدم تصور كل منها إلا كوجود ولا وجود، كمساوية لبعضها وغير مساوية، كمتطابقة مع أنفسها وكعابرة إلى "شيء عداها". ومن ثم فالوجود يتضمن  المتناقضات، فهو مفرد وجماعي، سرمدي وعابر، متحرك وساكن، في حالة سكون وفي حالة حركة. والتناقض هو الشرط الضروري وهو يدفع النفس إلى التأمل. وهذا الفن في رأي أفلاطون هو فن الجدل. وواصل الأفلاطونيون الجدد تطوير علم الجدل. وقد استخدم مصطلح الجدل في الفلسفة المدرسية، فلسفة المجتمع الإقطاعي، ليشير إلى المنطق الصوري في مقابل فن البلاغة. وقد نادى نيقولاس أوف كوسا وبرونو في المرحلة المبكرة من التطور الرأسمالي بالأفكار الجدلية القائمة على "تطابق الأضداد". وبرغم تفشي الميتافيزيقا قدم ديكارت وسبينوزا في الفترة التالية نماذج من الفكر الجدلي، قدمها ديكارت في نظريته عن خلق الكون، وقدمها سبينوزا في رأيه عن الجوهر باعتباره علة ذاته. وقدم روسو وديدرو ثروة من الأفكار الجدلية. ففحص روسو التناقض باعتباره شرط التطور التاريخي، وذهب ديدرو خطوة أبعد ففحص التناقضات في الوعي الاجتماعي المعاصر في زمانه في روايته "ابن أخ رامو". وجاءت أهم مرحلة قبل الماركسية في تطور الجدل في المثالية الكلاسيكية الألمانية التي نظرت – على عكس المادية الميتافيزيقية – إلى الواقع، لا على أنه مجرد موضوع للإدراك، بل اعتبرته أيضا موضوعا للنشاط. غير أن الجهل بالأساس المادي الحقيقي للإدراك ونشاط الذات قد حد من أفكار المثاليين الألمان الجدلية وشوهها. وكان كانط أول من أحدث ثغرة في الميتافيزيقي، فقد لاحظ فحوى القوى المتضادة في العمليات الفيزيائية وعمليات خلق الكون، وحذا ديكارت في إدخال فكرة التطور في معرفة الطبيعة. وطور كانط،، في مضمار مبحث المعرفة، الأفكار الجدلية عن آرائه الخاصة بالنقائض. ولكنه عرف جدل العقل بأنه وهم سرعان ما يتبخر بمجرد أن يرتد الفكر في داخل ذاته، وينقد بمعرفة الظواهر المناسبة. وفي الفترة التالية دعا فيخته إلى ما أطلق عليه تعبير منهج التناقض للمقولات الاتدلالية، وذلك في كتابه "النظرية العلمية" ويحتوي هذا المنهج على أفكار جدلية هامة. وبعد كانط جاء شلنغ الذي طور الجدل أيضا، ودعا إلى الاستيعاب الجدلي لظواهر الطبيعة. وكان الجدل المثالي عند هيغل ذروة في تطور الجدل فيما قبل الماركسية. وبصرف النظر عن مفهوم هيغل الزائف فإنه "قدم العالم كله الطبيعي منه والتاريخي والعقلي، لأول مرة، على أنه صيرورة أي في حالة حركة وتغير وتحول وتطور دائم، وبذلت المحاولة لاستخراج الرابطة الداخلية التي تشكل كلا متصلا لهذه الحركة كلها وهذا التطور كله" (انجلز "الرد على دهرينغ"). لقد آمن هيغل بأن الجدل – على نقيض التعريفات المجردة المختلفة للعقل – هو التحول من التعريف الواحد إلى تعريف آخر ، كاشفا أن هذه التعريفات أحادية الجانب ومحدودة، أي أنها تحتوي على نفي أنفسها. ولهذا قال هيغل أن الجدل هو "حياة ونفس التقدم العلمي، إنه الدينامية التي تعطينا وحدها رابطة وضرورة كامنتين في جسم العلم". وقد تجاوزت نتيجة جدل هيغل المعنى الذي نسبه المؤلف إليه. ذلك أن رأي هيغل عن الضرورة، التي تصل بها جميع الأشياء إلى نفيها، احتوى على عنصر يبث الثورة في الحياة والفكر، ولهذا السبب اعتبر المفكرون البارزون في عصره أن جدله هو "علم جبر الثورة" (هرزن). وجاء التقدم العلمي الحقيقي للجدل على يد ماركس وانجلز. فقد استأصلا المضمون المثالي لفلسفة هيغل، وأقاما الجدل على فهمهما المادي للعملية التاريخية، وتطور المعرفة، وعلى تعميمها للعمليات الواقعية التي تحدث في الطبيعة والمجتمع والفكر. ويضم الجدل العلمي أساسا القوانين التي تحكم تطور الوجود، وقوانين المعرفة. وهاتان المجموعتان من القوانين متماثلتان وإن اختلفتا في الشكل ليس إلا: ولهذا السبب ليس الجدل المادي "انطولوجيا" (وجوديا) فحسب، بل هو تعاليم "أبستمولوجية" (معرفية) أيضا. إنه منطق يعتبر الفكر والمعرفة مساويين للوجود، الذي هو في حالة حركة وتطور، ومساويين للأشياء والظواهر، وهي في حالة صيرورة في عملية التطور، وهي تحدد مستقبلها أو ما ستصبح عليه. وبهذا المعنى تعد نظرية المعرفة أيضا في نظر الجدل المادي تاريخا معمما للمعرفة. ولهذا فإن كل تصور، أي كل مقولة، تاريخي بطبيعته، برغم طابعه العام للغاية. إن التناقض هو المقولة الرئيسية في الجدل المادي. وهو فيما يتعلق بالتناقض يكشف عن القوة الدافعة ومصدر كل تطور. فالتناقض يحتوي على مفتاح جميح المقولات الأخرى، ومبادئ التطور الجدلي: التطور بالانتقال عن التغيرات الكمية إلى التغيرات الكيفية، وانقطاع الانتقال التدريجي، والطفرات، ونفي اللحظة المبدئية في التطور، ونفي هذا النفي نفسه، والتكرار في مستوى أعلى لبعض ملامح وجوانب الحالة الأصلية. إن الجدل المادي هو المنهج الفلسفي لبحث الطبيعة والمجتمع. وليس هناك شيء عدا التناول الجدلي السليم قادرا على فهم البزوغ المعقد والمتناقض للحقيقة الموضوعية، والارتباط في كل لحظة من لحظات تطور العلم بين عناصر المطلق والنسبي، بين الثابت والمتغير، والتحول من مجموعة لأشكال التعميم إلى مجموعة أخرى للأشكال الأعمق.





No comments:

Post a Comment